لا شيء يعادل المسرح الحي .. لكن الإنسحاب من المواجهة مرفوض
“مسرح الحظر ” بات جزءاً من الثقافة المسرحية عالمياً..ومسابقته ضرورة وليست ترفا
بينما كان مئات الملايين من البشر يتابعون إحصاءات انتشار الفيروس المميت وتداعياته ، كان مبدعو المسرح ومحبيه مشغولين بتساؤلات حول مصيره وشكله أثناء وبعد الجائحة .
د.علاء عبدالعزيز سليمان رئيس مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي وأعضاء مجلس الإدارة وجدوا انفسهم في قلب هذه التساؤلات مع اقتراب موعد المهرجان ، ومع رفضهم للحل السهل بتأجيل الفعالية ، حيث كان المطلوب منهم كمسرحيين في المقام الأول هو إيجاد حلول إبداعية ، وليس الاستسلام لواقع فرضه الفيروس.
في “بث مباشر” عبر الصفحة الرسمية للمهرجان كشف رئيسه عن التحدي الذي وجدت إدارة المهرجان نفسها في قلبه بمجرد إعلان الحظر وما تلاه من إجراءات احترازية، وقال انه تابع وشارك في الجدل الذي دار حول واقع ومستقبل المسرح الذي هو “لقاء حي” في الأساس، كما تابع الحلول الإبداعية التي اقترحها وقدمها مسرحيون حول العالم، ومنها تجربة “أنتيجون الآن” التي قدمتها أكاديمية مسرحية من جامعة كاليفورنيا في 23 مايو باثني عشر ممثلاً من قارات مختلفة ــ وخطوط زمنية مختلفة ــ والتي حولت النص الأصلي إلي أحداث تدور في زمن كورونا .
عبدالعزيز قال ان جامعة بريستول البريطانية العريقة قدمت هي الأخرى في 19 يونيو دعوة للمسرحيين حول العالم لمشاهدة فيديو مدته ساعة كاملة يتضمن مسرحيات ــ شدد علي استخدامهم لكلمة مسرحيات ــ من أعمال خريجي قسم الدراما بالجامعة ،
تجربة شديد الأهمية توقف عندها د.علاء وهي مسرحية “نوح والطاووس” التي قدمها مسرح نوتنجهام البريطاني بـ”تذاكر” عبر تطبيق زووم الذي بات شهيرا،
وقال ان العرض الذي وصفه صناعه بانه ” عرض حي تفاعلي في زمن الحظر ” ، تابعه ألف متفرج وهو عدد لا تستوعبه الكثير من القاعات المسرحية ، وطلب صناعه من الأطفال والجمهور عموما أن يحمل كل منهم زجاجة مياه نصف ممتلئة و”كيس مقرمشات” ليصنعوا بهما في لحظة معينة المؤثرات الصوتية التي توحي بأجواء الطوفان.
التجارب السابقة ..وعشرات الندوات والمؤتمرات الأكاديمية التي أقيمت حول العالم حول ” المسرح مابعد كورونا” لم تكن بعيدة عن المتابعة الدقيقة لرئيس وإدارة المهرجان التي وجدت نفسها أمام سؤال الوجود مقابل الغياب ؟!
“لا شيء يعادل المسرح الحي..وحميمية لقاء المبدع بالمتلقي” العبارة كررها دكتور علاء عبد العزيز ضمن نقاشات عديدة حتي بات يعتبرها مضجرة، لكن المقابلة هنا لم تعد مسرح حي مقابل مسرح مصور بل مسرح مصور يستفيد من التقنيات الحيثة مقابل لا مسرح .
وكان القرار بأن يقام المهرجان مستفيدا من الكاميرا والتقنيات الحديثة ، ومستفيدا من مصطلح” مسرح الحظر ” الذي بات جزءا من المخيلة المسرحية حول العالم .
دعلاء عبد العزيز قال انه فور استقراره وإدارة المهرجان علي إقامة الدورة “أون لاين” مع تخصيص مساق تنافسي لمسرح الحظر إتصل بالرئيس الشرفي الدائم للمهرجان دكتور فوزي فهمي الذي لم يجده متفهما وحسب بل ومتابعا لكل التطورات والمناقشات الأكاديمية حول الموضوع .
التفهم والدعم ذاته وجده دكتور علاء من وزيرة الثقافة الدكتورة إيناس عبدالدايم التي رحبت بالمقترح ووجهت بتوفير كافة سبل إنجاحه .
رئيس المهرجان التجريبي قال في “البث المباشر” الذي خصص جزءا كبيرا منه لشرح ما جري في كواليس المهرجان من نقاشات حول الشكل والأقسام وحتي حول فكرة الإلغاء ، مكررا التأكيد ــ للمرة الأخيرة ــ علي انه لا شيء يعادل المسرح الحي ولا شيء يغني عنه ، لكن الواقع فرض علي الجميع إتخاذ إجراءات مرنة لمواجهة ما فرضه الوباء والإجراءات الاحترازية .
ولفت إلي أن مسابقة مسرح الحظر التي ستكون أحد مساقين تنافسيين في المهرجان تتجاوز مربع المتاح إلي منطقة الضرورة، للاستفادة من الخبرات والأفكار التي ظهرت في العالم كله.
أما بالنسبة للهجوم علي فكرة تقديم المهرجان “أون لاين” والجدل حول تلك النقطة فقال ان حجم الرفض والهجوم جاء أقل من المتوقع ، مستعيدا ذاكرة الدورات الأولي من المهرجان والتي جوبهت بهجوم عاصف حتي ان البعض ردد ان المهرجان جزء من مؤامرة علي مسرح الكلمة لصالح المسرح الحركي ومسرح الصورة ، لأن الدورات الأولي شهدت تقديم عدد كبير من هذه العروض.